يراد به معنيان أحدهما النسبة وهي إنما تكون للمفعول كما ذكرتم والثاني الداعي والحامل على ذلك وهو يكون للفاعل قال الكسائي يقال ما صدقك بكذا أو ما كذبك بكذا أي ما حملك على التصديق والتكذيب

قلت وهو نظير ما أجرأك على هذا أي ما حملك على الاجتراء عليه وما قدمك وما أخرك أي ما دعاك وحملك على التقديم والتأخير وهذا استعمال سائغ موافق للعربية وبالله التوفيق

ثم ختم السورة بقوله {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} وهذا تقرير لمضمون السورة من إثبات النبوة والتوحيد والمعاد وحكمه بتضمن نصره لرسوله على من كذبه وجحد ما جاء به بالحجة والقدرة والظهور عليه وحكمه بين عباده في الدنيا بشرعه وأمره وحكمه بينهم في الآخرة بثوابه وعقابه وإن أحكم الحاكمين لا يليق به تعطيل هذه الأحكام بعد ما ظهرت حكمته في خلق الإنسان في أحسن تقويم ونقله في أطوار التخليق حالاً بعد حال إلى أكمل الأحوال فكيف يليق بأحكم الحاكمين أن لا يجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته وهل ذلك إلا قدح في حكمه وحكمته فلله ما أخصر لفظ هذه السورة وأعظم شأنها وأتم معناها والله أعلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015