إنه لا منة لله على الذين آمنوا وعملوا الصالحات في دخول الجنة وهل هذا إلا من أبطل الباطل
فإن قيل هذا القدر لا يخفى على من قال هذا القول من العلماء وليس مرادهم ما ذكر وإنما مرادهم أنه لا يمن عليهم به وإن كانت لله فيه المنة عليهم فإنه لا يمن عليهم به بل يقال هذا جزاء أعمالكم التي عملتموها في الدنيا وهذا أجركم فأنتم تستوفون أجور أعمالكم لا نمن عليكم بما أعطيناكم قيل وهذا أيضاً هو الباطل بعينه فإن ذلك الأجر ليست الأعمال ثمنا له ولا معاوضة عنه وقد قال أعلم الخلق بالله لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل \ح\ فأخبر أن دخول الجنة برحمة الله وفضله وذلك محض منته عليه وعلى سائر عباده وكما أنه سبحانه المان بإرسال رسله وبالتوفيق لطاعته وبالإعانة عليها فهو المان بإعطاء الجزاء وذلك كله محض منته وفضله وجوده لا حق لأحد عليه بحيث إذا وفاه إياه لم يكن له عليه منة فإن كان في الدنيا باطل فهذا ليس منه في شيء
فإن قيل كيف تقولون هذا وقد أخبر رسوله عنه بأن حق العباد عليه إذا وحدوه أن لا يعذبهم وقد أخبر عن نفسه أن حقاً عليه