إخراجه سبباً لحدوث الصوت ثم جعل سبحانه في الحنجرة واللسان والحنك باختلافهما الصوت فيحدث الحرف ثم ألهم الإنسان أن يركب ذلك الحرف إلى مثله ونظيره فيحدث الكلمة ثم ألهمه تركيب تلك الكلمة إلى مثلها فيحدث الكلام

فتأمل هذه الحكمة الباهرة في إيصال النفس إلى القلب لحفظ حياته ثم عند الحاجة إلى إخراجه والاستغناء عنه جعله سبباً لهذه المنفعة العظيمة فتبارك الله أحسن الخالقين

وخلق سبحانه هذه المقاطع والحناجر مختلفة الأشكال فكما أنه لا تتشابه صورتان كذلك لا يتشابه صوتان من كل وجه بل كما يحصل الامتياز بين الأشخاص بالقوة الباصرة فكذلك يحصل بالقوة السامعة فيحصل الامتياز للأعمى والبصير

فصل

ثم انزل إلى الصدر تر معدن العلم والحلم والوقار والسكينة والبر وأضدادها فتجد صدور العلية تعلو بالبر والخير والعلم والاحسان وصدور السفلة تغلي بالفجور والشرور والإساءة والحسد والمكر

ثم انفذ من ساحة الصدر إلى مشاهدة القلب تجد ملكاً عظيماً جالساً على سرير مملكته يأمر وينهى ويولى ويعزل وقد حف به الأمراء والوزراء والجند كلهم في خدمته إن استقام استقاموا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015