والكبد والطحال متقابلان والمعدة بينهما والعروق الضوارب تتصل بها المعدة والقلب بمنزلة التنور أو بمنزلة أتون الحمام يسخن ماءه وله إلى كل بيت منفذ ينفذ منه وهج النار إليه وكذلك الحار الغريزي الذي منبعه من القلب ينفذ في مسالك ومنافذ إلى جميع الأعضاء فيسخنها
فصل
وجعلت الأعضاء مسلكاً مؤدياً والمعدة هي الآلة لهضم الغذاء واستمرائه والأمعاء تؤدي ذلك إلى الكبد ولما كانت الأمعاء آلة الأداء والإتصال كثرت لفائفها وطولها وكانت العروق التي تأتيها من الكبد لا تحصى كثرة لينفذ فيها الغذاء أولاً فأولاً وتفيضه يسيراً يسيراً فلولا تطويل لفائف الأمعاء لكان يخرج قبل أخذ خاصيته وكان يعرض إليهم بشهوة الأكل دائماً وكان الإنسان يعدم التفرغ لمصالحة وسائر أعماله وكان دائماً مكباً على الغذاء ولهذا صار الحيوان الذي ليس لامعائه استدارات بل له معي واحد مستقيم مكباً على الغذاء دائماً عديم الصبر عنه كالفيل وأما مالأمعائه استدارات فإنه إذا فارقه الغذاء أو بعضه في الإستدارة الأولى صادفه في الثانية فإن هو فاته في الثانية صادفه في الثالثة والرابعة والخامسة كذلك فيمكن صبره على الغذاء حكمة بالغة