لا يكون شيء إلا بإذنه ومشيئته والقوة والطبيعة خلق مسخر من خلقه وعبد من جملة عبيده ليس لها تصرف ولا حركة ولا فعل إلا بإذن بارئها وخالقها فذلك الذي جهل نفسه وربه وعادة الطبيعة والشريعة والرب تعالى يخلق ما يشاء ويختار ويصور خلقه في الأرحام كيف يشاء بأسباب قدرها وحكم دبرها وإذا شاء أن يسلب تلك الأسباب قواها سلبها وإذا شاء أن يقطع مسبباتها عنها قطعها وإذا شاء أن يهيء لها أسباباً أخرى تقاومها وتعارضها فعل فإنه الفعال لما يريد وليس في كون المنى مستلاً من جميع أجزاء البدن ما يخرج الحوالة على قدرته ومشيئته وحكمته بل ذلك أبلغ في الحكمة والقدرة
وأما قولكم لو كان المنى مستلاً من جميع الأعضاء لكان الولد يتشكل بشكلهما معاً فقد أجاب النبي عمن سأله عن ذلك بما شفى وكفى ففي صحيح البخاري من حديث انس رضي الله عنه قال بلغ عبد الله بن سلام مقدم رسول الله المدينة وهو في أرضه يحترف فأتاه وقال إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي ما أول أشراط الساعة وما أول طعام يأكله أهل الجنة ومن أي شيء ينزع الولد إلى أبيه ومن أي شيء ينزع إلى أخواله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أخبرني بهن آنفا جبريل" فقال عبد الله ذاك عدو اليهود من الملائكة "أما أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب وأما