مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ} فأي دلالة أعظم من رجل يخرج وحده لا عدة له ولا عدد ولا مال فيدعوا الأمة العظيمة إلى توحيد الله والإيمان به وطاعته ويحذرهم من بأسه ونقمته فتتفق كلمتهم أو أكثرهم على تكذيبه ومعاداته فيذكرهم أنواع العقوبات الخارجة عن قدرة البشر فيغرق المكذبين كلهم تارة ويخسف بغيرهم الأرض تارة ويهلك آخرين بالريح وآخرين بالصيحة وآخرين بالمسخ وآخرين بالصواعق وآخرين بأنواع العقوبات وينجو داعيهم ومن معه والهالكون أضعاف أضعاف أضعافهم عدداً وقوة ومنعة وأموالا:
فيالك من آيات حق لو اهتدى ... بهن مريد الحق كن هواديا
ولكن على تلك القلوب أكنة ... فليست وإن أصغت تجيب المناديا
فهلا امتنعوا إن كانوا على الحق وهم أكثرهم عدداً وأقوى شوكة بقوتهم وعددهم من بأسه وسلطانه وهلا اعتصموا من عقوبته كما اعتصم من هو أضعف منهم من أتباع الرسل
ومن الآيات التي في الأرض مما يحدثه الله فيها كل وقت ما يصدق به رسله فيما أخبرت به فلا تزال آيات الرسل وأعلام صدقهم وأدلة نبوتهم يحدثها الله سبحانه وتعالى في الأرض إقامة للحجة على من لم يشاهد تلك الآيات التي قاربت عصر الرسل