في الغروب فإذا كوكب آخر في مقابلته وكوكب أخر قد طلع وهو آخذ في الارتفاع والتصاعد وكوكب آخر في الربع الشرقي وكوكب آخر في وسط السماء وكوكب آخر قد مال عن الوسط وآخر قد دنا من الغروب وكأنه رقيبه ينتظر بطلوعه غيبته
وأنت إذا تأملت أحوال هذه الكواكب وجدتها تدل على المعاد كما تدل على المبدأ وتدل على وجود الخالق وصفات كماله وربوبيته وحكمته ووحدانيته أعظم دلالة وكل ما دل على صفات جلاله ونعوت كماله دل على صدق رسله فكما جعل الله النجوم هداية في طريق البر والبحر فهي هداية في طرق العلم بالخالق سبحانه وقدرته وعلمه وحكمته والمبدأ والمعاد والنبوة ودلالتها على هذه المطالب لا تقصر عن دلالتها على طرق البر والبحر بل دلالتها للعقول على ذلك أظهر من دلالتها على الطرق الحسية فهي هداية في هذا وهذا
وأما دلالة {المقسمات أمراً} وهم الملائكة فلأن ما يشاهد من تدبير العالم العلوي والسفلي وما لا يشاهد إنما هو على أيدي الملائكة فالرب تعالى يدبر بهم أمر العالم وقد وكل بكل عمل من الأعمال طائفة منهم فوكل بالشمس والقمر والنجوم والأفلاك طائفة منهم ووكل بالقطر والسحاب طائفة ووكل بالنبات