ثلجت له صدورهم واستيقظت له أنفسهم فاختاروا عليه العمى والضلالة كما قال تعالى في وصفهم {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} وقال {َ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً} أي موجبة لهم التبصرة واليقين وإن كان جميع الأمم المهلكة هذا شأنهم فان الله لم يهلك أمة إلا بعد قيام الحجة عليها لكن خصت ثمود من ذلك الهدى والبصيرة بمزيد ولهذا لما قرنهم بقوم عاد قال {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} ثم قال {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} ولهذا أمكن عادا المكابرة وأن يقولوا لنبيهم {ُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ} ولم يمكن ذلك ثمود وقد رأوا البينة عيانا وصارت لهم بمنزلة رؤية الشمس والقمر فردوا الهدى بعد تيقنه والبصيرة التامة فكان في تخصيصهم بالذكر تحذير لكل من عرف الحق ولم يتبعه وهذا داء أكثر الهالكين وهو أعم الأدواء وأغلبها على أهل الأرض والله أعلم
ومن ذلك قوله تعالى {وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ} قيل جوابه