ما زيد بذاهب مسرعاً فإنه ينتفى الإسراع دون القيام ولا يمتنع أن يثبت له ذهاب في غير إسراع والثاني ينفي المحكوم به فينتفي معموله بانتفائه فينتفي الذهاب في هذه الحال فينتفي الإسراع بانتفائه فإذا جعل بنعمة ربك معمولاً لمجنون لزم أحد الأمرين وكلاهما منتف جزماً

وهذا الإعتراض هنا فاسد لأن المعنى إذا حصل ما أنت بمجنون منعما عليك لزم من صدق هذا الخبر نفيها قطعاً ولا يصح نفي المعمول وثبوت العامل في هذا الكلام ولا يفهم منه من له آلة الفهم وإنما يفهم الآدمي من هذا الكلام أن الجنون انتفى عنك بنعمة الله عليك وانتفى عنا ما فهمه هذا المعترض بنعمة الله علينا ثم أخبر سبحانه عن كمال حالتي نبيه في دنياه وأخراه فقال {وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ} أي غير مقطوع بل هو دائم مستمر ونكر الأجر تنكير تعظيم كما قال {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً} و {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَة} و {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى} و {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً} و {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} وهو كثير وإنما كان التنكير للتعظيم لأنه صور للسامع بمنزلة أمر عظيم لا يدركه الوصف ولا يناله التعبير ثم قال {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} وهذه من أعظم آيات نبوته ورسالته لمن منحه الله فهماً ولقد سئلت أم المؤمنين عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015