مهطعين إلى الداعي يؤمون الصوت لا يعرجون عنه يمنة ولا يسرة كما قال {يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ} أي يقبلون من كل أوب إلى صوته وناحيته لا يعرجون عنه قال الفراء وهذا كما تقول دعوتك دعوة لا عوج لك عنها وقال الزجاج المعنى لا عوج لهم عن دعائه أي لا يقدرون إلا على اتباعه وقصده
فإن قلت إذا كان المعنى لا عوج لهم عن دعوتي فكيف قال لا عوج له قيل قالت طائفة اللام بمعنى عن أي لا عوج عنه وقالت طائفة المعنى لا عوج لهم عن دعائي كما قال الزجاج وفي القولين تكلف ظاهر ولما كانت الدعوى تسمع الجميع لا تعوج عنهم وكلهم يؤم صوت الداعي ويتبعه لا يعوج عنه كان مجيء اللام منتظماً للمعنيين ودالاً عليهما والمعنى لا عوج لدعائه لا في إسماعهم إياه ولا في إجابتهم له
ثم قال تعالى {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} فوصفهم بذل الظاهر وهو خشوع الأبصار وذل الباطن وهو ما يرهقهم من الذل خشعت عنه أبصارهم وقريب من هذا قوله {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ} ونظيره قوله {وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً} وضد هذا قوله تعالى