والنهار أمراً يشهد الناس حدوثه شيئاً فشيئاً ويعلمون أن الحادث لا بد له من محدث كان العلم بذلك منزلاً منزلة ذكر المحدث له لفظاً فلم يذكر الفاعل في الأقسام الأربعة
ولهذا سلك طائفة من النظار طريق الإستدلال بالزمان على الصانع وهو استدلال صحيح قد نبه عليه القرآن في غير موضع كقوله {إن في خلق السموات والأرض لآيات لأولي الألباب}
ولما كانت السماء والأرض ثابتتين حتى ظن من ظن أنهما قديمتان ذكر مع الأقسام بهما بانيهما ومبدعهما وكذلك النفس فإن حدوثها غير مشهود حتى ظن بعضهم قدمها فذكر مع الأقسام بها مسويها وفاطرها مع ما في ذكر بناء السماء وطحو الأرض وتسوية النفس من الدلالة على الرحمة والحكمة والعناية بالخلق فإن بناء السماء يدل على أنها كالقبة العالية على الأرض وجعلها سقفاً لهذا العالم والطحو هو مد الأرض وبسطها وتوسيعها ليستقر عليها الأنام والحيوان ويمكن فيها البناء والغراس والزرع وهو متضمن لنضوب الماء عنها وهو مما حير عقول الطبائعيين حيث كان مقتضى الطبيعة أن يغمرها كثرة الماء فيروز جانب منها على الماء على خلاف مقتضى الطبيعة وكونه هذا الجانب المعين دون غيره مع استواء الجوانب في الشكل الكري يقتضي تخصيصا فلم يجدوا بداً أن يقولوا عناية الصانع اقتضت ذلك قلنا فنعم إذا ولكن عناية من لا مشيئة له ولا إرادة ولا اختيار ولا علم بمعين أصلاً كما تقولونه فيه