لا على لساني ولا على لسان غيري ولكنه أوحاه إلي وأذن لي في تلاوته عليكم وأدراكم به بعد أن لم تكونوا دارين به فلو كان كذباً وافتراءً كما تقولون لأمكن غيري أن يتلوه عليكم وتدرون به من جهته لأن الكذب لا يعجز عنه البشر وأنتم لم تدروا بهذا ولم تسمعوه إلا مني ولم تسمعوه من بشر غيري
ثم أجاب عن سؤال مقدر وهو أنه تعلمه من غيره أو افتراه من تلقاء نفسه فقال {فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ} تعلمون حالي ولا يخفى عليكم سيري ومدخلي ومخرجي وصدقي وأمانتي ومن هذا لم أتمكن من قول شيء منه ألبته ولا كان لي به علم ولا ببعضه ثم أتيتكم به وهلة من غير تعمل ولا تعلم ولا معاناة للأسباب التي أتمكن بها منه ولا من بعضه وهذا من أظهر الأدلة وأبين البراهين أنه من عند الله أوحاه إلي وأنزله علي ولو شاء ما فعل فلم يمكني من تلاوته ولا أمكنكم من العلم به بل مكنني من تلاوته ومكنكم من العلم به فلم تكونوا عالمين به ولا ببعضه ولم أكن قبل أن يوحى إلي تالياً له ولا لبعضه فتأمل صحة هذا الدليل وحسن تأليفه وظهور دلالته
ومن هذا قوله سبحانه {وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً} وهذا هو المناسب لقوله {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى