قلت له بطل كل ما تموهون به بعد هذا فإنكم إذا أقررتم أنه نبي صادق فلا بد من تصديقه في جميع ما أخبر به وقد علم أتباعه وأعداؤه بالضرورة أنه دعا الناس كلهم إلى الإيمان وأخبر أن من لم يؤمن به فهو كافر مخلد في النار وقاتل من لم يؤمن به من أهل الكتاب وسجل عليهم بالكفر واستباح أموالهم ودماءهم ونساءهم وأبناءهم فإن كان ذلك عدوانا منه وجور ألم يكن نبياً وعاد الأمر إلى القدح في الرب تعالى وإن كان ذلك بأمر الله ووحيه لم يسع أحداً مخالفته وترك أتباعه ولزم تصديقه فيما أخبر به وطاعته فيما أمر
وقد أرشد سبحانه إلى هذا الملك في غير موضع من كتابه فقال {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} يقول سبحانه لو تقول علينا قولاً واحداً من تلقاء نفسه لم نقله ولم نوحه إليه لما أقررناه ولأخذنا بيمنه ثم أهلكناه هذا أحد القولين قال ابن قتيبة في هذا قولان أحدهما أن اليمين القوة والقدرة وأقام اليمين مقام القوة لأن قوة كل شيء في ميامنه قلت وعلى هذا تكون اليمين من صفة الأخذ وهذا قول ابن عباس في اليمين
قال ولأهل اللغة في هذا مذهب آخر وهذا أن الكلام ورد على ما اعتاده الناس من الأخذ بيد من يعاقب وهو قولهم إذا أرادوا عقوبة رجل خذ بيده وأكثر ما يقوله السلطان