فصل

الأمر الثالث ما تضمنه قوله {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} إنه ربوبيته الكاملة لخلقة تأبى أن يتركهم سدى لا يأمرهم ولا ينهاهم ولا يرشدهم إلى ما ينفعهم ويحذرهم ما يضرهم بل يتركهم هملاً بمنزلة الأنعام السائمة فمن زعم ذلك لم يقدر رب العالمين قدره ونسبه إلا مالا يليق به تعالى {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ}

ثم أقام سبحانه البرهان القاطع على صدق رسوله وأنه لم يتقول عليه فيما قاله وأنه لو تقول عليه لما أقره ولعاجله بالإهلاك فإن كمال علمه وقدرته وحكمته تأبى أن يقر من تقول عليه وافترى عليه وأضل عباده واستباح دماء من كذبه وحريمهم وأموالهم وأظهر في الأرض الفساد والجور والكذب وخالف الخلق فكيف يليق بأحكم الحاكمين وأرحم الراحمين وأقدر القادرين أن يقره على ذلك بل كيف يليق به أن يؤيده وينصره ويعليه ويظهره ويظفره بأهل الحق يسفك دماءهم ويستبيح أموالهم وأولادهم ونساءهم قائلاً إن الله أمرني بذلك وأباحه لي بل كيف يليق به أن يصدقه بأنواع التصديق كلها فيصدقه بإقراره وبالآيات المستلزمة لصدقه التي دلالتها على التصديق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015