يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً}

ولما أقام الحجة وبين الحجة إرتهن كل نفس بكسبها وآخذها بذنبها واستثنى من أولئك من قبل هداه واتبع رضاه وهم أصحاب اليمين الذين آمنوا بالله وصدقوا المرسلين وسلكوا غير سبيل المجرمين الذين ليسوا من المصلين ولا من مطعمي المسكين وهم من أهل الخوض مع الخائضين المكذبين بيوم الدين فهذه أربع صفات أخرجتهم من زمرة المفلحين وأدخلتهم في جملة الهالكين الأولى ترك الصلاة وهي عمود الإخلاص للمعبود الثانية ترك إطعام المسكين الذي هو من مراتب الإحسان للعبيد فلا إخلاص للخلق ولا إحسان للمخلوق كما قال تعالى {الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} وقال {وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ} وهذا ضد ما وصف به أصحاب اليمين بقوله {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} وقال {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} وقرن سبحانه بين هذين الأصلين في غير موضع في كتابه فأمر بهما تارة وأثنى على فاعليهما تارة وتوعد بالويل والعقاب تاركهما تارة فإن مدار النجاة عليهما ولا فلاح لمن أخل بهما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015