البقاع فلا يبقى موضع من المواضع التي يمكن أن تطلع عليها إلا أخذ بقسطه من نفعها واقتضى هذا التدبير المحكم أن وقع مقدار الليل والنهار على أربعة وعشرين ساعة ويأخذ كل منهما من صاحبه ومنتهى كل منها إذا امتد خمسة عشر ساعة فلو زاد مقدار النهار على ذلك إلى خمسين ساعة مثلاً أو أكثر لاختل نظام العالم وفسد أكثر الحيوان والنبات ولو نقص مقداره عن ذلك لاختل النظام أيضاً وتعطلت المصالح ولو استويا دائماً لما اختلفت فصول السنة التي باختلافها مصالح العباد والحيوان فكان في هذا التقدير والتدبير المحكم من الآيات والمصالح والمنافع ما يشهد بأن ذلك تقدير العزيز العليم ولهذا يذكر سبحانه هذا التقدير ويضيفه إلى عزته وعلمه كما قال تعالى {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} وقال تعالى {قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ