الشمس والقمر من الليل والنهار وكل ذلك آية من آياته ودلالة من دلائل ربوبيته
ومن تدبر أمر هذين النيرين العظيمين وجدهما من أعظم الآيات في خلقهما وجرمهما ونورهما وحركتهما على نهج واحد لا ينيان ولا يفتران دائبين ولا يقع في حركتهما اختلاف بالبطء والسرعة والرجوع والاستقامة والانخفاض والارتفاع ولا يجري أحدهما في فلك صاحبه ولا يدخل عليه في سلطانه ولا تدرك الشمس القمر ولا يجيء الليل قبل انقضاء النهار بل لكل حركة مقدرة ونهج معين لا يشركه فيه الآخر كما أن له تأثيراً ومنفعة لا يشركه فيها الآخر وذلك مما يدل من له أدنى عقل على أنه بتسخير مسخر وأمر آمر وتدبير مدبر بهرت حكمته العقول وأحاط علمه بكل دقيق وجليل وفرق ما علمه الناس من الحكم التي في خلقهما مالا تصل إليه عقولهم ولا تنتهي إلى مباديها أوهامهم فغايتنا الاعتراف بجلال خالقهما وكمال حكمته ولطف تدبيره وأن نقول ما قاله أولوا الألباب قبلنا {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ} ولو أن العبد وصف له جرم أسود مستدير عظيم الخلق يبدو فيه النور كخيط متسخن ثم يتزايد كل ليلة حتى يتكامل نوره فيصير أضوأ شيء وأحسنه وأجمله ثم يأخذ في النقصان حتى يعود إلى حاله الأول فيحصل بسبب ذلك معرفة