له الأمثال وينبهه على مبدئه من كونه نطفة من منى يمني ثم علقة ثم خلقاً سوياً فلم يعجل عليه بالخلق وهلة واحدة ولا بالعقوبة إذ كذب خبره وعصى أمره بل كان خلقه وأمره وجزاؤه بعد تمهيل وتدريج وأنا ولهذا ذم الإنسان بالعجلة بقوله {وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولاً} وقال {خُلِقَ الإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ}

فصل

ومن أسرارها أن إثبات النبوة والمعاد يعلم بالعقل وهذا أحد القولين لأصحابنا وغيرهم وهو الصواب فإن الله سبحانه أنكر على من حسب أنه يترك سدى فلا يؤمر ولا ينهى ولا يثاب ولا يعاقب ولم ينف سبحانه ذلك بطريق الخبر المجرد بل نفاه نفي مالا يليق نسبته إليه ونفي منكر على من حكم به وظنه ثم استدل سبحانه على فساد ذلك وبين أن خلقه الإنسان في هذه الأطوار وتنقله فيها طوراً بعد طور حتى بلغ نهايته يأبى أن يتركه سدى فإنه ينزه عن ذلك كما ينزه عن العبث والعيب والنقص

وهذه طريقة القرآن في غير موضع كما قال تعالى {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} فجعل كمال ملكه وكونه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015