فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلِيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ} فذكرها لهذا هو من تمام وصفها لمحاسنه وأنه في غاية المحاسن ظاهراً وباطناً وينظر إلى هذا المعنى ويناسبه قوله {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى} فقابل بين الجوع والعرى لأن الجوع ذل الباطن والعرى ذل الظاهر وقابل بين الظمأ وهو حر الباطن والضحى وهو حر الظاهر بالبروز للشمس وقريب من هذا قوله {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} في ذكر الزاد الظاهر الحسي والزاد الباطن المعنوي فهذا زاد سفر الدنيا وهذا زاد سفر الآخرة ويلم به قول هود {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} فالأول القوة الظاهرة المنفصلة عنهم والثاني الباطنة المتصلة بهم ويشبهه قوله {فما له من قوة ولا ناصر} فنفى عنهم الدافعين الدافع من أنفسهم والدافع من خارج وهو الناصر
فصل
ومن أسرارها أنها تضمنت إثبات قدرة الرب على ما علم أنه لا يكون ولا يفعله وهذا على أحد القولين في قوله {بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} فأخبر أنه قادر عليه ولم يفعله ولم يرده وأصرح