يعلم تعيينه فيسأل عن تعيينه بمن تارة وبأي تارة وهم لم يسألوا عن تعيين الملك الراقي بالروح إلى الله
فإن قيل بل علموا أن ملك الرحمة والعذاب صاعد بروحه ولم يعلموا تعيينه فيسأل عن تعيين أحدهما قيل هم يعلمون أن تعيينه غير ممكن فكيف يسألون عن تعيين مالا سبيل للسامع إلى تعيينه ولا إلى العلم به الثامن أن الآية إنما سيقت لبيان يأسه من نفسه ويأس الحاضرين معه وتحقق أسباب الموت وأنه قد حضر ولم يبق شيء ينجع فيه ولا مخلص منه بل هو قد ظن أنه مفارق لا محالة فالحاضرون قد علموا أنه لم يبق لأسباب الحياة المعتادة تأثير في بقائه فطلبوا أسباباً خارجة عن المقدور تستجلب بالرقى والدعوات فقالوا من راق أي من يرقى هذا العليل من أسباب الهلاك والرقية عندهم كانت مستعملة حيث لا يجدي الدواء التاسع أن مثل هذا إنما يراد به النفي والاستبعاد وهو أحد التقديرين في الآية أي لا أحد يرقى من هذه العلة بعد ما وصل صاحبها إلى هذه الحال فهو استبعاد لنفي الرقية لا طلب لوجود الراقي كقوله {قال من يحيي العظام وهي رميم} أي لا أحد يحييها وقد صارت إلى هذه الحال فإن أريد بها هذا المعنى استحال أن يكون من الرقي وإن أريد بها الطلب استحال أيضاً أن يكون منه وقد بينا أنها في مثل هذا إنما تستعمل للطلب أو للإنكار وحينئذ فتقول في الوجه العاشر إنها إما أن يراد