يشاهده من العجائب التي كان يكذب بها وخسف القمر ذهب ضوؤه وانمحى وجمع الشمس والقمر ولم يجتمعا قبل ذلك بل يجمعهما الذي يجمع عظام الإنسان بعد ما فرقها البلى ومزقها ويجمع للإنسان يومئذ جميع عمله الذي قدمه وأخره من خير أو شر ويجمع ذلك من جمع القرآن في صدر رسوله ويجمع المؤمنين في دار الكرامة فيكرم وجوههم بالنظر إليه ويجمع المكذبين في دار الهوان وهو قادر على ذلك كله كما جمع خلق الإنسان من نطفة من منى يمنى ثم جعله علقة مجتمعة الأجزاء بعد ما كانت نطفة متفرقة في جميع بدن الإنسان وكما يجمع بين الإنسان وملك الموت ويجمع بين الساق والساق إما ساق الميت أو ساق من يجهز بدنه من البشر ومن يجهز روحه من الملائكة أو يجمع عليه شدائد الدنيا والآخرة فكيف أنكر هذا الإنسان أن يجمع بينه وبين عمله وجزائه وأن يجمع مع بني جنسه ليوم الجمع وأن يجمع عليه بين أمر الله ونهيه وعبوديته فلا يترك سدى مهملة معطلاً لا يؤمر ولا ينهى ولا يثاب ولا يعاقب فلا يجمع عليه ذلك
فما أجمع هذه السورة لمعان الجمع والضم وقد افتتحت بالقسم بيوم القيامة الذي يجمع الله فيه بين الأولين والآخرين وبالنفس اللوامة التي اجتمع فيها همومها وغمومها وإرادتها واعتقاداتها وتضمنت ذكر المبدأ والمعاد والقيامة الصغرى والكبرى وأحوال الناس في المعاد وانقسام وجوههم إلى ناظرة منعمة