وفي ذكر البنان لطيفة أخرى وهي أنها أطرافه وآخر ما يتم به خلقه فمن قدر على جمع أطرافه وآخر ما يتم به خلقه مع دقتها وصغرها ولطافتها فهو على ما دون ذلك أقدر فالقوم لما استبعدوا جمع العظام بعد الفناء والارمام قيل إنا نجمع ونسوى أكثرها تفرقاً وأدقها أجزاء وآخر أطراف البدن وهي عظام الأنامل ومفاصلها
وقالت طائفة المعنى نحن قادرون على أن نسوى أصابع يديه ورجليه ونجعلها مستوية شيئاً واحداً كخف البعير وحافر الحمار لا نفرق بينهما ولا يمكنه أن يعمل بها شيئاً مما يعمل بأصابعه المفرقة ذات المفاصل والأنامل من فنون الأعمال والبسط والقبض والتأتي لما يريد من الحوائج وهذا قول ابن عباس وكثير من المفسرين والمعنى على هذا القول إنا في الدنيا قادرون على أن نجعل عظام بنانه مجموعة دون تفرق فكيف لا نقدر على جمعها بعد تفريقها
فهذا وجه من الاستدلال غير الأول وهو الاستدلال بقدرته سبحانه على جمع العظام التي فرقها ولم يجمعها والأول استدلال بقدرته سبحانه على جمع عظامه بعد تفريقها وهما وجهان حسنان وكل منهما له ترجيح من وجه فيرجح الأول أنه هو المقصود وهو الذي انكره الكفار وهو إجراء على نسق الكلام واطراده ولأن الكلام لم يسق لجمع العظام وتفريقها في