والباطل فقوله يلتئم مع كون الناشرات الملائكة أكثر من التئامه إذا قيل إنها الرياح ومن قال هي جماعات الرسل فإن أراد الرسل من الملائكة فظاهر وإن أراد الرسل من البشر فقد تقدم بيان ضعف هذا القول
ويظهر والله أعلم بما أراد من كلامه أن القسم في هذه الآية وقع على النوعين الرياح والملائكة ووجه المناسبة أن حياة الأرض والنبات وأبدان الحيوان بالرياح فإنها من روح الله وقد جعلها الله تعالى نشورا وحياة القلوب والأرواح بالملائكة فبهذين النوعين يحصل نوعا الحياة ولهذا والله أعلم فصل أحد النوعين من الآخر بالواو وجعل ما هو تابع لكل نوع بعده بالفاء
وتأمل كيف وقع القسم في هذه السورة على المعاد والحياة الدائمة الباقية وحال السعداء والأشقياء فيها وقررها بالحياة الأولى في قوله {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} فذكر فيها المبدأ والمعاد وأخلص السورة لذلك فحسن الأقسام بما يحصل به نوعا الحياة المشاهدة وهو الرياح والملائكة فكان في القسم بذلك أبين دليل وأظهر آية على صحة ما أقسم عليه وتضمنته السورة ولهذا كان المكذب بعد ذلك في غاية الجحود والعناد والكفر فاستحق الويل بعد الويل فتضاعف عليه الويل كما تضاعف منه الكفر والتكذيب
فلا أحسن من هذا التكرار في هذا الموضع ولا أعظم منه