أفق إلى أفق فالنزع حركة شديدة سواء كانت من ملك أو نفس إنسانية أو نجم والنفوس تنزع إلى أوطانها وإلى مألفها وعند الموت تنزع إلى ربها المنايا تنزع النفوس والقسى تنزع بالسهام والملائكة تنزع من مكان إلى مكان وتنزع ما وكلت بنزعه والخيل تنزع في أعنتها نزعاً تغرق فيه الأعنة لطول أعناقها
فالصفة واقعة على كل من له هذه الحركة التي هي آية من آيات الرب تعالى فإنه هو الذي خلقها وخلق محلها وخلق القوة والنفس التي بها تتحرك ومن ذكر صورة من هذه الصور فإنما أراد التمثيل وإن كانت الملائكة أحق من تناوله هذا الوصف
فأقسم بطوائف الملائكة وأصنافهم فهم النازعات التي تنزع الأرواح من الأجساد والناشطات التي تنشطها أي تخرجها بسرعة وخفة من قولهم نشط الدلو من البئر إذا أخرجها وأنا أنشط بكذا أي أخف له وأسرع والسابحات التي تسبح في الهواء في طريق ممرها إلى ما أمرت به كما تسبح الطير في الهواء فالسابقات التي تسبق وتسرع إلى ما أمرت به لا تبطئ عنه ولا تتأخر فالمدبرات أمور العباد التي أمرها ربها بتدبيرها وهذا أولى الأقوال
وقد روي عن ابن عباس أن النازعات الملائكة تنزع نفوس الكفار بشدة وعنف والناشطات الملائكة التي تنشط أرواح المؤمنين بيسر وسهولة واختار الفراء هذا القول فقال هي الملائكة تنشط نفس المؤمن فتقبضها وتنزع نفس الكافر قال