لا يمارى فيه ولا يشك بل علماً ضرورياً كسائر الضروريات منافاة أحدهما للآخر ومضادته له كمنافاة أحد الضدين لصاحبه بل ظهور المنافاة بين الأمرين للعقل أبين من ظهور المنافاة بين النور والظلمة للبصر ولهذا وبخ سبحانه من كفر بعد ظهور هذا الفرق المبين بين دعوة الرسل ودعوة الشياطين فقال أين تذهبون قال أبو إسحاق فأي طريق تسلكون أبين من هذه الطريقة التي بينت لكم
قلت: هذا من أحسن اللازم وأبينه أن تبين للسامع الحق ثم تقول له إيش تقول خلاف هذا وأين تذهب خلاف هذا قال تعالى {فبأي حديث بعده يؤمنون} وقال {فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون} فالأمر منحصر في الحق والباطل والهدى والضلال فإذا عدلتم عن الهدى والحق فأين العدول وأين المذهب
ونظير هذا قوله {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} أي إن أعرضتم عن الإيمان بالقرآن والرسول وطاعته فليس إلا الفساد في الأرض والشرك والمعاصي وقطيعة الرحم ونظيره قوله تعالى {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} لما تركوا الحق وعدلوا عنه مرج عليهم أمرهم والتبس فلا يدرون ما يقولون وما يفعلون بل لا يقولون شيئاً