وَقَدْ قُرِئَ بِالنَّصْبِ بِفِعْلٍ دَلَّ عَلَيْهِ (فَاجْلِدُوا) وَقَدِ اسْتَوْفَيْنَا ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ) [النِّسَاءِ: 16] .
وُ (مِائَةَ) ، (وَثَمَانِينَ) يَنْتَصِبَانِ انْتِصَابَ الْمَصَادِرِ. .
(وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا) : لَا يَجُوزُ أَنْ تَتَعَلَّقَ الْبَاءُ بِـ (رَأْفَةً) لِأَنَّ الْمَصْدَرَ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ مَعْمُولُهُ ; وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِتَأْخُذْ ; أَيْ: وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِسَبَبِهِمَا.
وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِمَحْذُوفٍ عَلَى الْبَيَانِ أَيْ أَعْنِي بِهِمَا ; أَيْ لَا تَرْأَفُوا بِهِمَا، وَيُفَسِّرُهُ الْمَصْدَرُ.
وَالرَّأْفَةُ فِيهَا أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ: إِسْكَانُ الْهَمْزَةِ وَفَتْحُهَا، وَإِبْدَالُهَا أَلِفًا، وَزِيَادَةُ أَلِفٍ بَعْدَهَا، وَكُلُّ ذَلِكَ لُغَاتٌ قَدْ قُرِئَ بِهِ.
وَ (فِي) : يَتَعَلَّقُ بِتَأْخُذْكُمْ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ) : فِي مَوْضِعِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: الرَّفْعُ، وَالْآخَرُ النَّصْبُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي)
(فَاجْلِدُوهُمْ) أَيْ فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، فَحَذَفَ الْمُضَافَ.
(وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) : جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا) : هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنَ الْجُمَلِ الَّتِي قَبْلَهَا عِنْدَ جَمَاعَةٍ، وَمِنَ الْجُمْلَةِ الَّتِي تَلِيهَا عِنْدَ آخَرِينَ، وَمَوْضِعُ الْمُسْتَثْنَى نَصْبٌ عَلَى أَصْلِ الْبَابِ. وَقِيلَ: مَوْضِعُهُ جَرٌّ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الضَّمِيرِ فِي «لَهُمْ» .
وَقِيلَ: مَوْضِعُهُ رَفْعٌ بِالِابْتِدَاءِ، وَالْخَبَرُ «فَإِنَّ اللَّهَ» وَفِي الْخَبَرِ ضَمِيرٌ مَحْذُوفٌ ; أَيْ غَفُورٌ لَهُمْ.