قَالَ تَعَالَى: (قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (لِأَهَبَ) : يُقْرَأُ بِالْهَمْزِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْفَاعِلَ اللَّهُ تَعَالَى، وَالتَّقْدِيرُ: قَالَ لِأَهَبَ لَكِ.

وَالثَّانِي: الْفَاعِلُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَضَافَ الْفِعْلَ إِلَيْهِ ; لِأَنَّهُ سَبَبٌ فِيهِ.

وَيُقْرَأُ بِالْيَاءِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ أَصْلَهَا الْهَمْزَةُ قُلِبَتْ يَاءً لِلْكَسْرِ قَبْلَهَا تَخْفِيفًا.

وَالثَّانِي: لِيَهَبَ اللَّهُ.

قَالَ تَعَالَى: (قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا () 20) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (بَغِيًّا) : لَامُ الْكَلِمَةِ يَاءٌ، يُقَالُ: بَغَتْ تَبْغِي، وَفِي وَزْنِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: هُوَ فَعُولٌ، فَلَمَّا اجْتَمَعَتِ الْوَاوُ وَالْيَاءُ قُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ وَكُسِرَتِ الْغَيْنُ إِتْبَاعًا، وَلِذَلِكَ لَمْ تُلْحَقْ تَاءُ التَّأْنِيثِ، كَمَا لَمْ تُلْحَقْ فِي امْرَأَةٍ صَبُورٍ، وَشَكُورٍ.

وَالثَّانِي: هُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ، وَلَمْ تُلْحَقِ التَّاءُ أَيْضًا لِلْمُبَالَغَةِ. وَقِيلَ: لَمْ تُلْحَقْ لِأَنَّهُ عَلَى النَّسَبِ، مِثْلَ طَالِقٍ وَحَائِضٍ.

قَالَ تَعَالَى: (قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (كَذَلِكِ) : أَيِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ.

وَقِيلَ: التَّقْدِيرُ: قَالَ رَبُّكِ مِثْلَ ذَلِكَ. وَ «هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ» : مُسْتَأْنَفٌ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ.

(وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ) : أَيْ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ خَلَقْنَاهُ مِنْ غَيْرِ أَبٍ.

وَقِيلَ: التَّقْدِيرُ: نَهَبُهُ لَكِ وَلِنَجْعَلَهُ.

وَ (كَانَ أَمْرًا) : أَيْ وَكَانَ خَلْقُهُ أَمْرًا.

قَالَ تَعَالَى: (فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22)) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015