وَقِيلَ: لِلِاسْتِهْزَاءِ أَيْضًا. وَالْمَعْنَى: لَا يُؤْمِنُونَ بِسَبَبِ الِاسْتِهْزَاءِ، فَحُذِفَ الْمُضَافُ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا ; أَيْ لَا يُؤْمِنُونَ مُسْتَهْزِئِينَ.

قَالَ تَعَالَى: (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَظَلُّوا) : الضَّمِيرُ لِلْمَلَائِكَةِ، وَقِيلَ: لِلْمُشْرِكِينَ. فَأَمَّا الضَّمِيرُ فِي «قَالُوا» فَلِلْمُشْرِكِينَ أَلْبَتَّةَ.

(سُكِّرَتْ) : يُقْرَأُ بِالتَّشْدِيدِ وَالضَّمِّ، وَهُوَ مَنْقُولٌ بِالتَّضْعِيفِ ; يُقَالُ: سَكَرَ بَصَرُهُ، وَسَكَّرْتُهُ. وَيُقْرَأُ بِالتَّخْفِيفِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مُتَعَدٍّ مُخَفَّفًا وَمُثَقَّلًا. وَالثَّانِي: أَنَّهُ مِثْلُ سُعِدَ ; وَقَدْ ذُكِرَ فِي هُودٍ.

وَيُقْرَأُ بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِ الْكَافِ ; أَيْ سُدَّتْ وَغُطِّيَتْ كَمَا يُغَطِي السُّكْرُ عَلَى الْعَقْلِ.

وَقِيلَ: هُوَ مُطَاوِعُ أَسْكَرْتُ الشَّيْءَ فَسَكِرَ ; أَيِ انْسَدَّ.

قَالَ تَعَالَى: (وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (18)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ) : فِي مَوْضِعِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:

الْأَوَّلُ: نَصْبٌ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ. وَالثَّانِي: جَرٌّ عَلَى الْبَدَلِ ; أَيْ إِلَّا مِمَّنِ اسْتَرَقَ. وَالثَّالِثُ: رَفْعٌ عَلَى الِابْتِدَاءِ. وَ «فَأَتْبَعَهُ» : الْخَبَرُ، وَجَازَ دُخُولُ الْفَاءِ فِيهِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ «مَنْ» بِمَعْنَى الَّذِي، أَوْ شَرْطٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015