أَحَدُهُمَا: هِيَ زَائِدَةٌ وَ «مِنْ» مُتَعَلِّقَةٌ بِالْفِعْلِ ; أَيْ وَفَرَّطْتُمْ مِنْ قَبْلُ. وَالثَّانِي: هِيَ مَصْدَرِيَّةٌ وَفِي مَوْضِعِهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ ; أَحَدُهَا: رَفْعٌ بِالِابْتِدَاءِ، وَ «مِنْ قَبْلُ» خَبَرُهُ ; أَيْ وَتَفْرِيطُكُمْ فِي يُوسُفَ مِنْ قَبْلُ. وَهَذَا ضَعِيفٌ ; لِأَنَّ «قَبْلُ» إِذَا وَقَعَتْ خَبَرًا أَوْ صِلَةً لَا تُقْطَعُ عَنِ الْإِضَافَةِ لِئَلَّا تَبْقَى نَاقِصَةً. وَالثَّانِي: مَوْضِعُهَا نَصْبٌ عَطْفًا عَلَى مَعْمُولِ تَعْلَمُوا ; تَقْدِيرُهُ: أَلَمْ تَعْرِفُوا أَخْذَ أَبِيكُمْ عَلَيْكُمُ الْمِيثَاقَ وَتَفْرِيطَكُمْ فِي يُوسُفَ. وَالثَّالِثُ: هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى اسْمِ إِنَّ ; تَقْدِيرُهُ: وَأَنَّ تَفْرِيطَكُمْ مِنْ قَبْلُ فِي يُوسُفَ.
وَقِيلَ: هُوَ ضَعِيفٌ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ ; لِأَنَّ فِيهِمَا فَصْلًا بَيْنَ حَرْفِ الْعَطْفِ وَالْمَعْطُوفِ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ.
فَأَمَّا خَبَرُ إِنَّ عَلَى الْوَجْهِ الْأَخِيرِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي يُوسُفَ ; وَهُوَ الْأَوْلَى لِئَلَّا يُجْعَلَ «مِنْ قَبْلُ» خَبَرًا.
(فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ) : هُوَ مَفْعُولُ أَبْرَحَ ; أَيْ لَنْ أُفَارِقَ ; وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (سَرَقَ) : يُقْرَأُ بِالْفَتْحِ وَالتَّخْفِيفِ ; أَيْ فِيمَا ظَهَرَ لَنَا.
وَيُقْرَأُ بِضَمِّ السِّينِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا ; أَيْ نُسِبَ إِلَى السَّرَقِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ) : أَيْ أَهْلَ الْقَرْيَةِ ; وَجَازَ حَذْفُ الْمُضَافِ ; لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا يَلْتَبِسُ.
فَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالْعِيرَ الَّتِي. . . (82)) فَيُرَادُ بِهَا الْإِبِلُ ; فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمُضَافُ مَحْذُوفًا أَيْضًا ; أَيْ أَصْحَابَ الْعِيرِ ; وَقِيلَ: الْعِيرُ: الْقَافِلَةُ، وَهُمُ النَّاسُ الرَّاجِعُونَ مِنَ السَّفَرِ فَعَلَى هَذَا لَيْسَ فِيهِ حَذْفٌ.