وَ (أَحَدَ عَشَرَ) : بِفَتْحِ الْعَيْنِ عَلَى الْأَصْلِ، وَبِإِسْكَانِهَا عَلَى التَّخْفِيفِ فِرَارًا مِنْ تَوَالِي الْحَرَكَاتِ، وَإِيذَانًا بِشِدَّةِ الِامْتِزَاجِ.
وَكَرَّرَ «رَأَيْتُ» تَفْخِيمًا لِطُولِ الْكَلَامِ ; وَجَعَلَ الضَّمِيرَ عَلَى لَفْظِ الْمُذَكَّرِ ; لِأَنَّهُ وَصَفَهُ بِصِفَاتِ مَنْ يَعْقِلُ، مِنَ السُّجُودِ وَالطَّاعَةِ ; وَلِذَلِكَ جَمَعَ الصِّفَةَ جَمْعَ السَّلَامَةِ.
وَ (سَاجِدِينَ) حَالٌ ; لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ مِنْ رُؤْيَةِ الْعَيْنِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (رُؤْيَاكَ) : الْأَصْلُ الْهَمْزُ، وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. وَقُرِئَ بِوَاوٍ مَكَانَ الْهَمْزِ، لِانْضِمَامِ مَا قَبْلَهَا. وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُدْغِمُ، فَيَقُولُ رُيَّاكَ، فَأَجْرَى الْمُخَفَّفَةَ مَجْرَى الْأَصْلِيَّةِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْسِرُ الرَّاءَ لِتُنَاسِبَ الْيَاءَ. (فَيَكِيدُوا) : جَوَابُ النَّهْيِ. (كَيْدًا) فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ مَفْعُولٌ بِهِ، وَالْمَعْنَى: فَيَضَعُونَ لَكَ أَمْرًا يَكِيدُكَ، وَهُوَ مَصْدَرٌ فِي مَوْضِعِ الِاسْمِ ; وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ) : [طه: 64] أَيْ مَا تَكِيدُونَ بِهِ ; فَعَلَى هَذَا يَكُونُ فِي اللَّامِ وَجْهَانِ ; أَحَدُهُمَا: هِيَ بِمَعْنَى مِنْ أَجْلِكَ. وَالثَّانِي: هِيَ صِفَةٌ قُدِّمَتْ فَصَارَتْ حَالًا. وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا مُؤَكَّدًا ; وَعَلَى هَذَا فِي اللَّامِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:
مِنْهَا الِاثْنَانِ الْمَاضِيَانِ. وَالثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ زَائِدَةً ; لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ، وَمِنْهُ: {فَإِن كَانَ لكم كيد فكيدون}
وَنَظِير زيادتها هُنَا (رَدِفَ لَكُمْ) [النَّمْلِ: 72] .