قَالَ تَعَالَى: (قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوَذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (47)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي) : الْجَزْمُ بِإِنْ، وَلَمْ يَبْطُلْ عَمَلُهَا بِلَا ; لِأَنَّ «لَا» صَارَتْ كَجُزْءٍ مِنَ الْفِعْلِ، وَهِيَ غَيْرُ عَامِلَةٍ فِي النَّفْيِ وَهِيَ تَنْفِي مَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ «مَا» ; فَإِنَّهَا تَنْفِي مَا فِي الْحَالِ ; وَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ تَدْخُلَ «إِنْ» عَلَيْهَا ; لِأَنَّ إِنِ الشَّرْطِيَّةَ تَخْتَصُّ بِالْمُسْتَقْبَلِ وَ «مَا» لِنَفْيِ الْحَالِ.

قَالَ تَعَالَى: (قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (48)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (قِيلَ يَانُوحُ) : «يَا» وَ «نُوحُ» فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ لِوُقُوعِهِمَا مَوْقِعَ الْفَاعِلِ. وَقِيلَ: الْقَائِمُ مَقَامَ الْفَاعِلِ مُضْمَرٌ، وَالنِّدَاءُ مُفَسِّرٌ لَهُ ; أَيْ قِيلَ قَوْلٌ، أَوْ قِيلَ هُوَ يَا نُوحُ.

(بِسَلَامٍ مِنَّا) : حَالَانِ مِنْ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ.

(وَأُمَمٌ) : مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي اهْبِطْ ; تَقْدِيرُهُ اهْبِطْ أَنْتَ وَأُمَمٌ، وَكَانَ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا مُغْنِيًا عَنِ التَّوْكِيدِ.

(سَنُمَتِّعُهُمْ) : نَعْتٌ لِأُمَمٍ.

قَالَ تَعَالَى: (تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (49)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ) : هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي آلِ عِمْرَانَ: (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ) [آلِ عِمْرَانَ: 44] وَقَدْ ذُكِرَ إِعْرَابُهُ.

(مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ ضَمِيرِ الْمُؤَنَّثِ فِي «نُوحِيهَا» . وَأَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الْكَافِ فِي «إِلَيْكَ» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015