وَ «الْأَمْس» هُنَا يُرَادُ بِهِ الزَّمَانُ الْمَاضِي لَا حَقِيقَةُ أَمْسٍ الَّذِي قَبْلَ يَوْمِكَ، وَإِذَا أُرِيدَ بِهِ ذَلِكَ كَانَ مُعْرَبًا ; وَكَانَ بِلَا أَلِفٍ وَلَامٍ وَلَا إِضَافَةٍ، نَكِرَةً.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ) : الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا، وَالْعَامِلُ فِيهَا الِاسْتِقْرَارُ فِي «لِلَّذِينَ» ; أَيِ اسْتَقَرَّتْ لَهُمُ الْحُسْنَى مَضْمُونًا لَهُمُ السَّلَامَةُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى الْحُسْنَى ; لِأَنَّ الْفِعْلَ إِذَا عُطِفَ عَلَى الْمَصْدَرِ احْتَاجَ إِلَى «أَنْ» ذِكْرًا أَوْ تَقْدِيرًا وَ «أَنْ» غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ ; لِأَنَّ الْفِعْلَ مَرْفُوعٌ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ كَسَبُوا) : مُبْتَدَأٌ، وَفِي الْخَبَرِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ قَوْلُهُ: «مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ» أَوْ قَوْلُهُ: (كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ) : أَوْ قَوْلُهُ: (أُولَئِكَ أَصْحَابُ) ، وَيَكُونُ (جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا) مُعْتَرِضًا بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَخَبَرِهِ. وَالثَّانِي: الْخَبَرُ (جَزَاءُ سَيِّئَةٍ) . وَجَزَاءُ مُبْتَدَأٌ. وَفِي خَبَرِهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: بِمِثْلِهَا، وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ، كَقَوْلِهِ: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا) [الشُّورَى: 40] وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ غَيْرَ زَائِدَةٍ، وَالتَّقْدِيرُ: جَزَاءُ سَيِّئَةٍ مُقَدَّرٌ بِمِثْلِهَا. وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ مُتَعَلِّقَةً بِجَزَاءٍ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ ; أَيْ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَاقِعٌ.
(وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) : قِيلَ: هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى كَسَبُوا وَهُوَ ضَعِيفٌ ; لِأَنَّ الْمُسْتَقْبَلَ لَا يُعْطَفُ عَلَى الْمَاضِي ; وَإِنْ قِيلَ: هُوَ بِمَعْنَى الْمَاضِي فَضَعِيفٌ أَيْضًا. وَقِيلَ: الْجُمْلَةُ حَالٌ. (