قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَا تُصِيبَنَّ) : فِيهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ مُسْتَأْنَفٌ، وَهُوَ جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ: وَاللَّهِ لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا خَاصَّةً؛ بَلْ تَعُمُّ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ نَهْيٌ، وَالْكَلَامُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْنَى، كَمَا تَقُولُ لَا أَرَيَنَّكَ هَاهُنَا؛ أَيْ: لَا تَكُنْ هَاهُنَا فَإِنَّ مَنْ يَكُونُ هَاهُنَا أَرَاهُ، وَكَذَلِكَ الْمَعْنَى هُنَا؛ إِذِ الْمَعْنَى: لَا تَدْخُلُوا فِي الْفِتْنَةِ، فَإِنَّ مَنْ يَدْخُلْ فِيهَا تَنْزِلْ بِهِ عُقُوبَةٌ عَامَّةٌ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ جَوَابُ الْأَمْرِ، وَأَكَّدَ بِالنُّونِ مُبَالَغَةً، وَهُوَ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ مُتَرَدِّدٌ، فَلَا يَلِيقُ بِهِ التَّوْكِيدُ.
وَقُرِئَ فِي الشَّاذِّ: (لَتُصِيبَنَّ) : بِغَيْرِ أَلِفٍ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: الْأَشْبَهُ أَنْ تَكُونَ الْأَلِفُ مَحْذُوفَةً، كَمَا حُذِفَتْ فِي أَمَ وَاللَّهِ.
وَقِيلَ: فِي قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ إِنَّ الْجُمْلَةَ صِفَةٌ لِفِتْنَةٍ، وَدَخَلَتِ النُّونُ عَلَى الْمَنْفِيِّ فِي غَيْرِ الْقَسَمِ عَلَى الشُّذُوذِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (تَخَافُونَ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعِ صِفَةٍ كَالَّذِي قَبْلَهُ؛ أَيْ: خَائِفُونَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي «مُسْتَضْعَفُونَ» .