فَأَمَّا مَفْعُولُ أَرَأَيْتَكُمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ مَحْذُوفٌ دَلَّ الْكَلَامُ عَلَيْهِ؛ تَقْدِيرُهُ: أَرَأَيْتَكُمْ عِبَادَتَكُمُ الْأَصْنَامَ، هَلْ تَنْفَعُكُمْ عِنْدَ مَجِيءِ السَّاعَةِ، وَدَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: «أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ» .
وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يَحْتَاجُ هَذَا إِلَى مَفْعُولٍ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ وَجَوَابَهُ قَدْ حَصَّلَ مَعْنَى الْمَفْعُولِ، وَأَمَّا جَوَابُ الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: «إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ» فَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الِاسْتِفْهَامُ فِي قَوْلِهِ: «أَغَيْرَ اللَّهِ» تَقْدِيرُهُ: إِنْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ دَعَوْتُمُ اللَّهَ.
«وَغَيْرَ» مَنْصُوبٌ بِـ: «تَدْعُونَ» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (بَلْ إِيَّاهُ) : هُوَ مَفْعُولُ «تَدْعُونَ» الَّذِي بَعْدَهُ.
(إِلَيْهِ) : يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِتَدْعُونَ، وَأَنْ يَتَعَلَّقَ بِيَكْشِفُ؛ أَيْ: يَرْفَعُهُ إِلَيْهِ.
وَ «مَا» بِمَعْنَى الَّذِي، أَوْ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ، وَلَيْسَتْ مَصْدَرِيَّةً إِلَّا أَنْ تَجْعَلَهَا مَصْدَرًا بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ) : فَعْلَاءُ فِيهِمَا مُؤَنَّثٌ لَمْ يُسْتَعْمَلْ مِنْهُ مُذَكَّرٌ، لَمْ يَقُولُوا: بَأْسٌ وَبَأْسَاءٌ، وَضُرٌّ وَضَرَّاءُ، كَمَا قَالُوا: أَحْمَرُ وَحَمْرَاءُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلَوْلَا إِذْ) : «إِذْ» فِي مَوْضِعِ نَصْبِ ظَرْفٍ لِـ «تَضَرَّعُوا» ؛ أَيْ: فَلَوْلَا تَضَرَّعُوا إِذْ. (وَلَكِنْ) : اسْتِدْرَاكٌ عَلَى الْمَعْنَى؛ أَيْ: مَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ.