وَ (مِنَ الْعَذَابِ) : مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ؛ لِأَنَّهُ صِفَةٌ لِلْمَفَازَةِ؛ لِأَنَّ الْمَفَازَةَ مَكَانٌ، وَالْمَكَانُ لَا يَعْمَلُ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمَفَازَةُ مَصْدَرًا فَتَتَعَلَّقُ «مِنَ» بِهِ، وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ فَائِزِينَ، فَالْمَصْدَرُ فِي مَوْضِعِ اسْمِ الْفَاعِلِ.

قَالَ تَعَالَى: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) (192) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ) : فِي مَوْضِعِ جَرٍّ نَعْتًا «لِأُولِي» أَوْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِإِضْمَارِ أَعْنِي، أَوْ رَفْعٍ عَلَى إِضْمَارِ «هُمْ» . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفًا؛ تَقْدِيرُهُ: يَقُولُونَ رَبَّنَا. (قِيَامًا وَقُعُودًا) : حَالَانِ مِنْ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ فِي «يَذْكُرُونَ» . (وَعَلَى جُنُوبِهِمْ) : حَالٌ أَيْضًا، وَحَرْفُ الْجَرِّ يَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ هُوَ الْحَالُ فِي الْأَصْلِ؛ تَقْدِيرُهُ: وَمُضْطَجِعِينَ عَلَى جُنُوبِهِمْ. (وَيَتَفَكَّرُونَ) : مَعْطُوفٌ عَلَى يَذْكُرُونَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا

أَيْضًا؛ أَيْ: يَذْكُرُونَ اللَّهَ مُتَفَكِّرِينَ. (بَاطِلًا) : مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ، وَالْبَاطِلُ هُنَا فَاعِلٌ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ مِثْلُ الْعَاقِبَةِ، وَالْعَافِيَةِ؛ وَالْمَعْنَى مَا خَلَقْتُهُمَا عَبَثًا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا تَقْدِيرُهُ: مَا خَلَقْتُ هَذَا خَالِيًا عَنْ حِكْمَةٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَعْتًا لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ: خَلْقًا بَاطِلًا.

فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ قَالَ هَذَا، وَالسَّابِقُ ذِكْرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَالْإِشَارَةُ إِلَيْهَا بِهَذِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015