قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ) : خَبَرُ كَانَ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: مَا كَانَ اللَّهُ مُرِيدًا لِأَنْ يَذَرَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ لِيَذَرَ ; لِأَنَّ الْفِعْلَ بَعْدَ اللَّامِ يَنْتَصِبُ بِأَنْ، فَيَصِيرُ التَّقْدِيرُ: مَا كَانَ اللَّهُ لِيَتْرُكَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ، وَخَبَرُ كَانَ هُوَ اسْمُهَا فِي الْمَعْنَى، وَلَيْسَ التَّرْكُ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: اللَّامُ زَائِدَةٌ، وَالْخَبَرُ هُوَ الْفِعْلُ، وَهَذَا ضَعِيفٌ ; لِأَنَّ مَا بَعْدَهَا قَدِ انْتَصَبَ فَإِنْ كَانَ النَّصْبُ بِاللَّامِ نَفْسِهَا فَلَيْسَتْ زَائِدَةً، وَإِنْ كَانَ النَّصْبُ بِأَنْ فَسَدَ لِمَا ذَكَرْنَا، وَأَصْلُ يَذَرُ يَوْذَرُ، فَحُذِفَتِ الْوَاوُ تَشْبِيهًا لَهَا بِيَدَعُ ; لِأَنَّهَا فِي مَعْنَاهَا، وَلَيْسَ لِحَذْفِ الْوَاوِ فِي يَذَرُ عِلَّةٌ إِذْ لَمْ تَقَعْ بَيْنَ يَاءٍ وَكَسْرَةٍ، وَلَا مَا هُوَ فِي تَقْدِيرِ الْكَسْرَةِ، بِخِلَافِ يَدَعُ فَإِنَّ الْأَصْلَ يَوْدَعُ فَحُذِفَتِ الْوَاوُ لِوُقُوعِهَا بَيْنَ الْيَاءِ وَبَيْنَ مَا هُوَ فِي تَقْدِيرِ الْكَسْرَةِ ; إِذِ الْأَصْلُ يَوْدِعُ مِثْلُ يَوْعِدُ، وَإِنَّمَا فُتِحَتِ الدَّالُ مِنْ يَدَعُ ; لِأَنَّ لَامَهُ حَرْفٌ حَلْقِيٌّ فَيُفْتَحُ لَهُ مَا قَبْلَهُ، وَمِثْلُهُ يَسَعُ وَيَطَأُ، وَيَقَعُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَلَمْ يُسْتَعْمَلْ مِنْ يَذَرُ مَاضِيًا اكْتِفَاءً بِتَرَكَ. (يَمِيزَ) : يُقْرَأُ بِسُكُونِ الْيَاءِ، وَمَاضِيهِ مَازَ وَبِتَشْدِيدِهَا، وَمَاضِيهِ مَيَّزَ وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَلَيْسَ التَّشْدِيدُ لِتَعَدِّي الْفِعْلِ مِثْلُ فَرِحَ وَفَرَّحْتُهُ ; لِأَنَّ مَازَ وَمَيَّزَ يَتَعَدَّيَانِ إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَا يَحْسَبَنَّ) : يُقْرَأُ بِالْيَاءِ عَلَى الْغَيْبَةِ، وَ «الَّذِينَ يَبْخَلُونَ» الْفَاعِلُ، وَفِي الْمَفْعُولِ الْأَوَّلِ وَجْهَانِ: