وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ نَقَلُوا كَسْرَةَ الْوَاوِ إِلَى الْقَافِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ ; لِأَنَّكَ لَا تَنْقُلُ إِلَيْهَا الْحَرَكَةَ إِلَّا بَعْدَ تَقْدِيرِ سُكُونِهَا، فَيُحْتَاجُ فِي هَذَا إِلَى حَذْفِ ضَمَّةِ الْقَافِ، وَهَذَا عَمَلٌ كَثِيرٌ.

وَيَجُوزُ إِشْمَامُ الْقَافِ بِالضَّمَّةِ مَعَ بَقَاءِ الْيَاءِ سَاكِنَةً تَنْبِيهًا عَلَى الْأَصْلِ.

وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ فِي مِثْلِ قِيلَ وَبِيعَ: قُولَ وَبُوعَ، وَيُسَوِّي بَيْنَ ذَوَاتِ الْوَاوِ وَالْيَاءِ، قَالُوا: وَتُخَرَّجُ عَلَى أَصْلِهَا، وَمَا هُوَ مِنَ الْيَاءِ تُقْلَبُ فِيهِ وَاوًا لِسُكُونِهَا وَانْضِمَامِ مَا قَبْلَهَا، وَلَا يُقْرَأُ بِذَلِكَ مَا لَمْ تَثْبُتْ بِهِ رِوَايَةٌ، وَالْمَفْعُولُ الْقَائِمُ مَقَامَ الْفَاعِلِ مَصْدَرٌ، وَهُوَ الْقَوْلُ، وَأُضْمِرَ ; لِأَنَّ الْجُمْلَةَ بَعْدَهُ تُفَسِّرُهُ وَالتَّقْدِيرُ: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ قَوْلٌ هُوَ لَا تُفْسِدُوا. وَنَظِيرُهُ (ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ) [يُوسُفَ: 35] ; أَيْ بَدَا لَهُمْ بُدَاءٌ وَرَأْيٌ. وَقِيلَ: (لَهُمْ) هُوَ الْقَائِمُ مَقَامَ الْفَاعِلِ ; لِأَنَّ الْكَلَامَ لَا يَتِمُّ بِهِ، وَمَا هُوَ تُفَسِّرُهُ الْجُمْلَةُ بَعْدَهُ.

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: (لَا تُفْسِدُوا) قَائِمًا مَقَامَ الْفَاعِلِ ; لِأَنَّ الْجُمْلَةَ لَا تَكُونُ فَاعِلًا، فَلَا تَقُومُ مَقَامَ الْفَاعِلِ، وَلَهُمْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ مَفْعُولُ قِيلَ.

قَوْلُهُ: (فِي الْأَرْضِ) الْهَمْزَةُ فِي الْأَرْضِ أَصْلٌ ; وَأَصْلُ الْكَلِمَةِ مِنْ الِاتِّسَاعِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَرْضَتِ الْقُرْحَةُ إِذَا اتَّسَعَتْ. وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: سُمِّيَتْ أَرْضًا، لِأَنَّ الْأَقْدَامَ تَرُضُّهَا لَيْسَ بِشَيْءٍ ; لِأَنَّ الْهَمْزَةَ فِيهَا أَصْلٌ، وَالرَّضُّ لَيْسَ مِنْ هَذَا.

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَرْضِ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي تُفْسِدُوا ; لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُفِيدُ شَيْئًا، وَإِنَّمَا هُوَ ظَرْفٌ مُتَعَلِّقٌ بِـ (تُفْسِدُوا) .

قَوْلُهُ: (إِنَّمَا نَحْنُ) ((مَا)) هَهُنَا كَافَّةٌ لِإِنَّ عَنِ الْعَمَلِ لِأَنَّهَا هَيَّأَتْهَا لِلدُّخُولِ عَلَى الِاسْمِ تَارَةً وَعَلَى الْفِعْلِ أُخْرَى وَهِيَ إِنَّمَا عَمِلَتْ لِاخْتِصَاصِهَا بِالِاسْمِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015