آل عمران

سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قَالَ تَعَالَى: (الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2)) .

(الم) : قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي أَوَّلِ الْبَقَرَةِ، وَالْمِيمُ مِنْ «مِيمٍ» حُرِّكَتْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَهُوَ الْمِيمُ وَلَامُ التَّعْرِيفِ فِي اسْمِ اللَّهِ، وَلَمْ تُحَرَّكْ لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ الْيَاءِ قَبْلَهَا، لِأَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الْحُرُوفِ الَّتِي عَلَى هَذَا الْمِثَالِ تَسْكُنُ إِذَا لَمْ يَلْقَهَا سَاكِنٌ بَعْدَهَا، كَقَوْلِهِ لَامْ مِيمْ ذَلِكَ الْكِتَابُ، وَ «حم» ، وَ «طس» ، وَ «ق» ، وَ «ك» . وَفُتِحَتْ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: كَثْرَةُ اسْتِعْمَالِ اسْمِ اللَّهِ بَعْدَهَا. وَالثَّانِي: ثِقَلُ الْكَسْرَةِ بَعْدَ الْيَاءِ وَالْكَسْرَةِ، وَأَجَازَ الْأَخْفَشُ كَسْرَهَا، وَفِيهِ مِنَ الْقُبْحِ مَا ذَكَرْنَا.

وَقِيلَ: فُتِحَتْ لِأَنَّ حَرَكَةَ هَمْزَةِ اللَّهِ أُلْقِيَتْ عَلَيْهَا. وَهَذَا بَعِيدٌ لِأَنَّ هَمْزَةَ الْوَصْلِ لَا حَظَّ لَهَا فِي الثُّبُوتِ فِي الْوَصْلِ حَتَّى تُلْقَى حَرَكَتُهَا عَلَى غَيْرِهَا.

وَقِيلَ: الْهَمْزَةُ فِي اللَّهِ هَمْزَةُ قَطْعٍ، وَإِنَّمَا حُذِفَتْ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ، فَلِذَلِكَ أُلْقِيَتْ حَرَكَتُهَا عَلَى الْمِيمِ ; لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ الثُّبُوتَ، وَهَذَا يَصِحُّ عَلَى قَوْلِ مَنْ جَعَلَ أَدَاةَ التَّعْرِيفِ أَلْ.

(اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) : قَدْ ذُكِرَ إِعْرَابَهُ فِي آيَةِ الْكُرْسِيِّ.

قَالَ تَعَالَى: (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (4)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (نَزَّلَ عَلَيْكَ) : هُوَ خَبَرٌ آخَرُ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي قَوْلِهِ: (لَا تَأْخُذُهُ) [الْبَقَرَةِ: 255] فَمِثْلُهُ هَاهُنَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015