وَيُقْرَأُ بِجَزْمِ الرَّاءِ عَطْفًا عَلَى مَوْضِعِ فَهُوَ، وَبِالرَّفْعِ عَلَى إِضْمَارِ مُبْتَدَأٍ ; أَيْ وَنَحْنُ، أَوْ وَهِيَ. وَ (مِنْ) : هُنَا زَائِدَةٌ عِنْدَ الْأَخْفَشِ ; فَيَكُونُ: سَيِّئَاتُكُمُ الْمَفْعُولُ، وَعِنْدَ سِيبَوَيْهِ الْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ ; أَيْ شَيْئًا مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ، وَالسَّيِّئَةُ فِعْلِيَّةٌ، وَعَيْنُهَا وَاوٌ ; لِأَنَّهَا مِنْ سَاءَ يَسُوءُ فَأَصْلُهَا سَيْوِئَةٌ، ثُمَّ عَمِلَ فِيهَا مَا ذَكَرْنَا فِي: صَيِّبٍ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لِلْفُقَرَاءِ) : فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ خَبَرُ ابْتِدَاءٍ مَحْذُوفٍ، تَقْدِيرُهُ: الصَّدَقَاتُ الْمَذْكُورَةُ لِلْفُقَرَاءِ، وَقِيلَ التَّقْدِيرُ: أَعْطُوا لِلْفُقَرَاءِ. (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) : «فِي» مُتَعَلِّقَةٌ بِأُحْصِرُوا عَلَى أَنَّهَا ظَرْفٌ لَهُ.
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حَالًا ; أَيْ أُحْصِرُوا مُجَاهِدِينَ.
(لَا يَسْتَطِيعُونَ) : فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، وَالْعَامِلُ فِيهِ أَحُصِرُوا ; أَيْ أُحْصِرُوا عَاجِزِينَ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا. (يَحْسَبُهُمُ) : حَالٌ أَيْضًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا لَا مَوْضِعَ لَهُ.
وَفِيهِ لُغَتَانِ: كَسْرُ السِّينِ وَفَتْحُهَا، وَقَدْ قُرِئَ بِهِمَا.
وَ (الْجَاهِلُ) : جِنْسٌ، فَلِذَلِكَ لَمْ يُجْمَعُ، وَلَا يُرَادُ بِهِ وَاحِدٌ.
(مِنَ التَّعَفُّفِ) : يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ «مِنْ» بِيَحْسَبُ ; أَيْ يَحْسَبُهُمْ مِنْ أَجْلِ التَّعَفُّفِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِمَعْنَى أَغْنِيَاءَ ; لِأَنَّ الْمَعْنَى يَصِيرُ إِلَى ضِدِّ الْمَقْصُودِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّ حَالَهُمْ يَخْفَى عَلَى الْجَاهِلِ بِهِمْ، فَيَظُنُّهُمْ أَغْنِيَاءَ، وَلَوْ عُلِّقَتْ: مِنْ بِأَغْنِيَاءَ صَارَ الْمَعْنَى أَنَّ الْجَاهِلَ يَظُنُّ أَنَّهُمْ أَغْنِيَاءَ، وَلَكِنْ بِالتَّعَفُّفِ وَالْغَنِيُّ بِالتَّعَفُّفِ فَقِيرٌ مِنَ الْمَالِ.