وَدَخَلَتِ الْفَاءُ فِي قَوْلِهِ «فَمَثَلُهُ» لِرَبْطِ الْجُمْلَةِ بِمَا قَبْلَهَا.
وَالصَّفْوَانُ: جَمْعُ صَفْوَانَةٍ، وَالْجَيِّدُ أَنْ يُقَالَ هُوَ جِنْسُ جَمْعٍ ; وَلِذَلِكَ عَادَ الضَّمِيرُ إِلَيْهِ بِلَفْظِ الْإِفْرَادِ فِي قَوْلِهِ «عَلَيْهِ تُرَابٌ» .
وَقِيلَ: هُوَ مُفْرَدٌ. وَقِيلَ: وَاحِدُهُ صَفَا، وَجَمْعُ فَعَلَ عَلَى فِعْلَانٍ قَلِيلٌ، وَحُكِيَ صِفْوَانٌ بِكَسْرِ الصَّادِ، وَهُوَ أَكْثَرُ الْجُمُوعِ، وَيُقْرَأُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَهُوَ شَاذٌّ ; لِأَنَّ فَعْلَانًا شَاذٌّ فِي الْأَسْمَاءِ، وَإِنَّمَا يَجِيءُ فِي الْمَصَادِرِ مِثْلُ الْغَلَيَانِ، وَالصِّفَاتِ مِثْلُ يَوْمٍ صَحَوَانٍ. وَ (عَلَيْهِ تُرَابٌ) : فِي مَوْضِعِ جَرٍّ صِفَةٌ لِصَفْوَانٍ، وَلَكَ أَنْ تَرْفَعَ تُرَابًا بِالْجَرِّ ; لِأَنَّهُ قَدِ اعْتَمَدَ عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَأَنْ تَرْفَعَهُ بِالِابْتِدَاءِ.
وَالْفَاءُ فِي: (فَأَصَابَهُ) عَاطِفَةٌ عَلَى الْجَارِّ ; لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ: اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ.
وَهَذَا أَحَدُ مَا يُقَوِّي شَبَهَ الظَّرْفِ بِالْفِعْلِ.
وَالْأَلِفُ فِي «أَصَابَ» مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ ; لِأَنَّهُ مِنْ صَابَ يَصُوبُ.
(فَتَرَكَهُ صَلْدًا) : هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ: (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ) [الْبَقَرَةِ: 17] . وَقَدْ ذُكِرَ فِي
أَوَّلِ السُّورَةِ: (لَا يَقْدِرُونَ) : مُسْتَأْنَفٌ لَا مَوْضِعَ لَهُ ; وَإِنَّمَا جَمَعَ هُنَا بَعْدَ مَا أَفْرَدَ فِي قَوْلِهِ كَالَّذِي وَمَا بَعْدَهُ ; لِأَنَّ الَّذِي هُنَا جِنْسٌ، فَيَجُوزُ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ إِلَيْهِ مُفْرَدًا وَجَمْعًا، وَلَا يَجُوزَ أَنْ يَكُونَ مِنَ الَّذِي ; لِأَنَّهُ قَدْ فَصَلَ بَيْنَهُمَا بِقَوْلِهِ «فَمِثْلُهُ» وَمَا بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (ابْتِغَاءَ) : مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ، (وَتَثْبِيتًا) : مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا حَالَيْنِ ; أَيْ مُبْتَغِينَ وَمُتَثَبِّتِينَ.