قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ) : الْأَصْلُ فِي تَرَى تَرْأَى، مِثْلُ تَرْعَى، إِلَّا أَنَّ الْعَرَبَ اتَّفَقُوا عَلَى حَذْفِ الْهَمْزَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ تَخْفِيفًا، وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ، وَرُبَّمَا جَاءَ فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ عَلَى أَصْلِهِ، وَلَمَّا حُذِفَتِ الْهَمْزَةُ بَقِيَ آخِرُ الْفِعْلِ أَلِفًا، فَحُذِفَتْ فِي الْجَزْمِ، وَالْأَلِفُ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ يَاءٍ، فَأَمَّا فِي الْمَاضِي فَلَا تُحْذَفُ الْهَمْزَةُ.
وَإِنَّمَا عَدَّاهُ هُنَا بِإِلَى ; لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَلَمْ يَنْتَهِ عِلْمُكَ إِلَى كَذَا، وَالرُّؤْيَةُ هُنَا بِمَعْنَى الْعِلْمِ، وَالْهَمْزَةُ فِي «أَلَمِ» اسْتِفْهَامٌ، وَالِاسْتِفْهَامُ إِذَا دَخَلَ عَلَى النَّفْيِ صَارَ إِيجَابًا وَتَقْرِيرًا، وَلَا يَبْقَى الِاسْتِفْهَامُ وَلَا النَّفْيُ فِي الْمَعْنَى. (ثُمَّ أَحْيَاهُمْ) : مَعْطُوفٌ عَلَى فِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: فَمَاتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ.
وَقِيلَ: مَعْنَى الْأَمْرِ هُنَا الْخَبَرُ ; لِأَنَّ قَوْلَهُ: فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ; أَيْ فَأَمَاتَهُمْ فَكَانَ الْعَطْفُ عَلَى الْمَعْنَى.
وَأَلِفُ أَحْيَا مُنْقَلِبَةٌ عَنْ يَاءٍ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَقَاتِلُوا) : الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ مَحْذُوفٌ ; تَقْدِيرُهُ: فَأَطِيعُوا وَقَاتِلُوا، أَوْ فَلَا تَحْذَرُوا الْمَوْتَ، كَمَا حَذَرَهُ مَنْ قَبْلَهُمْ وَلَمْ يَنْفَعْهُمُ الْحَذَرُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَنْ ذَا الَّذِي) : مَنِ اسْتِفْهَامٌ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ، وَذَا خَبَرُهُ، وَالَّذِي نَعْتٌ لِذَا، أَوْ بَدَلٌ مِنْهُ.
وَ (يُقْرِضُ) : صِلَةُ الَّذِي، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ (مَنْ) وَ (ذَا) : بِمَنْزِلَةِ اسْمٍ وَاحِدٍ،
كَمَا كَانَتْ: "