قَوْلُهُ تَعَالَى: (فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً) : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ: فِي مُتَعَلِّقَةً بِآتِنَا وَأَنْ تَكُونَ صِفَةً لِحَسَنَةٍ قُدِّمَتْ فَصَارَتْ حَالًا. (وَقِنَا) : حُذِفَتْ مِنْهُ الْفَاءُ، كَمَا حُذِفَتْ فِي الْمُضَارِعِ إِذَا قَلْتَ يَقِي، وَحُذِفَتْ لَامُهَا لِلْجَزْمِ، وَاسْتُغْنِيَ عَنْ هَمْزَةِ الْوَصْلِ لِتَحَرُّكِ الْحَرْفِ الْمَبْدُوءِ بِهِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ) : إِنْ قِيلَ: الْأَيَّامُ وَاحِدُهَا يَوْمٌ، وَالْمَعْدُودَاتُ
وَاحِدُهَا مَعْدُودَةٌ، وَالْيَوْمُ لَا يُوصَفُ بِمَعْدُودَةٍ ; لِأَنَّ الصِّفَةَ هُنَا مُؤَنَّثَةٌ وَالْمَوْصُوفُ مُذَكَّرٌ، وَإِنَّمَا الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ أَيَّامٌ مَعْدُودَةٌ فَتَصِفُ الْجَمْعَ بِالْمُؤَنَّثِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّهُ أَجْرَى مَعْدُودَاتٍ عَلَى لَفْظِ أَيَّامٍ وَقَابَلَ الْجَمْعَ بِالْجَمْعِ مَجَازًا وَالْأَصْلُ مَعْدُودَةٌ كَمَا قَالَ: (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً) [الْبَقَرَةِ: 80] .
وَلَوْ قِيلَ: إِنَّ الْأَيَّامَ تَشْتَمِلُ عَلَى السَّاعَاتِ، وَالسَّاعَةُ مُؤَنَّثَةٌ فَجَازَ الْجَمْعُ عَلَى مَعْنَى سَاعَاتِ الْأَيَّامِ، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى الْأَمْرِ بِالذِّكْرِ فِي كُلِّ سَاعَاتِ هَذِهِ الْأَيَّامِ، أَوْ فِي مُعْظَمِهَا لَكَانَ جَوَابًا سَدِيدًا، وَنَظِيرُ ذَلِكَ الشَّهْرُ وَالصَّيْفُ وَالشِّتَاءُ، فَإِنَّهَا يُجَابُ بِهَا عَنْ كَمْ وَكَمْ، إِنَّمَا يُجَابُ عَنْهَا بِالْعَدَدِ وَأَلْفَاظُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَيْسَتْ عَدَدًا، وَإِنَّمَا هِيَ أَسْمَاءٌ لِمَعْدُودَاتٍ، فَكَانَتْ جَوَابًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.: (فَلَا إِثْمَ) : عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ عَلَى إِثْبَاتِ الْهَمْزَةِ.