وَخَلِيلِيَّ مُرَّا بِي؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْغَالِبَ مِنْ حَالِ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ أَنْ يَصْحَبَهُ فِي السَّفَرِ اثْنَانِ. وَالرَّابِعُ: أَنَّ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُخَاطِبُ الْوَاحِدَ بِخِطَابِ الِاثْنَيْنِ، كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:

فَإِنْ تَزْجُرَانِي يَا بْنَ عَفَّانَ أَنْزَجِرْ ... وَإِنْ تَدَعَانِي أَحْمِ عِرْضًا مُمَنَّعًا

وَالْخَامِسُ: أَنَّ الْأَلِفَ بَدَلٌ مِنَ النُّونِ الْخَفِيفَةِ، وَأُجْرِيَ الْوَصْلُ مَجْرَى الْوَقْفِ.

قَالَ تَعَالَى: (مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (مُرِيبٍ الَّذِي) : الْجُمْهُورُ عَلَى كَسْرِ التَّنْوِينِ. وَقُرِئَ بِفَتْحِهَا فِرَارًا مِنَ الْكَسَرَاتِ وَالْيَاءِ.

قَالَ تَعَالَى: (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32)) .

(غَيْرَ بَعِيدٍ) : أَيْ مَكَانًا غَيْرَ بَعِيدٍ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الْجَنَّةِ، وَلَمْ يُؤَنَّثْ؛ لِأَنَّ الْجَنَّةَ وَالْبُسْتَانَ وَالْمَنْزِلَ مُتَقَارِبَاتٌ.

وَ (هَذَا مَا تُوعَدُونَ) : التَّقْدِيرُ: يُقَالُ لَهُمْ: «هَذَا. . .» وَالْيَاءُ فِي «تُوعَدُونَ» عَلَى الْغَيْبَةِ؛ وَالتَّاءُ عَلَى الرُّجُوعِ إِلَى الْخِطَابِ.

قَالَ تَعَالَى: (مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَنْ خَشِيَ) : فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ؛ أَيْ هُمْ مَنْ خَشِيَ، أَوْ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ بَدَلًا مِنَ «الْمُتَّقِينَ» أَوْ مِنْ «كُلِّ أَوَّابٍ» أَوْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ؛ أَيْ أَعْنِي مَنْ خَشِيَ.

وَقِيلَ: «مَنْ» : مُبْتَدَأٌ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: يُقَالُ لَهُمُ ادْخُلُوهَا.

وَ (بِسَلَامٍ) : حَالٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015