قيل له: أفيجوز أن يخلق لوناً قائماً بنفسه وطعماً وذواقاً؟
فإن قال: لا، قيل له: فما الفرق بينك وبين من أجاز ما أبيت من قيام الألوان والطعوم بأنفسها، وأنكر ما أجزت من قيام الكلام بنفسه؟!
ثم يسأل الفرق بين ذلك، ولا فرق.
وإن قال: بل خلقه قائماً بغيره. قيل له: فخلقه قائمٌ بغيره وهو صفةٌ له؟! فإن قال: بلى.
قيل له: أفيجوز أن يخلق لوناً في غيره فيكون هو المتلون، كما خلق كلاماً في غيره، فكان هو المتكلم به. وكذلك يخلق حركةً في غيره فيكون هو المتحرك بها.
فإن أبى ذلك سئل الفرق.
وإن أجاز ذلك أوجب أن يكون –تعالى ذكره- إذا خلق حركةً في غيره فهو المتحرك. وإذا خلق لوناً في غيره فهو المتلون به. وذلك عندنا وعندهم كفرٌ وجهلٌ.
وفي فساد هذه المعاني التي وصفنا الدلالة الواضحة إذ كان لا وجه لخلق الأشياء إلا بعض هذه الوجوه، صح أن كلام الله صفةٌ له، غير خالق ولا مخلوقٍ. وأن معاني الخلق عنه منفيةٌ.