قال الله -عز وجل-: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)} [القدر: 3] يريد سبحانه: فيما يضاعف فيها من ثواب الأعمال؛ الصلاة، والذكر له، فالحسنة تضاعف في غيرها بسبعمائةٍ، وتزيد فيها على ذلك أكثر من ألف. قال مالك: "سمعت من أثق به يقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُرِىَ أَعْمَارَ النَّاسِ قَبْلَهُ، فَكَأَنَّهُ تَقَاصَرَ أَعْمَارَ أُمَّتِهِ أَنْ لاَ يَبْلُغُوا مِنَ العَمَلِ الَّذِي بَلَغَهُ غَيْرُهُمْ مِنْ طُولِ العُمْرِ، فَأَعْطَاهُ اللهُ لَيْلَةَ القَدْرِ" (?). وفي الصحيحين قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" (?).
واختلف في ليلة القدر هل تتعين بليلة؟ واختلف بعد القول أنها لا تتعين، هل تختص بالعشر الأواخر من رمضان، أو بالشهر كله أو لا تختص برمضان، ويصح أن تكون في ليلة من سائر السنة؟ فذهب ابن مسعود إلى أنه يصح أن تكون في غير رمضان، وقال: من يقم الحول يصب ليلة القدر، وقال أُبيُّ بن كعب: "قَدْ عَلِمَ أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ، وَأَنَّهَا فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْهُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ لِئلا يَتَّكِلَ النَّاسُ" (?). وقال أبو سعيد الخدري: "اعْتَكَفَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - العَشْرَ