اختلف في الصنف الذي يكفِّر به على أربعة أقوال: فقال مالك: يكفِّر بالإطعام، قال ابن القاسم: ولا يعرف مالك غير الإطعام، ولا يأخذ بالعتق ولا بالصوم (?)، وقال: قال الله -عز وجل-: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] فجعل الكفارة صنفًا واحدًا.
وذكر ابن القاسم عن مالك في كتاب ابن مزين أنه جعل الكفارة عن الأكل ثلاثة أصناف: إطعام أو صوم أو عتق، قال: واستحب البداية بالإطعام ثم بالصوم ثم بالعتق.
وقال أبو مصعب: إن أكل أو شرب فليس عليه كفارة إلا بالإطعام، وإنما العتق والصيام عن الجماع. وقال أشهب: يكفّر بأي الأصناف الثلاثة شاء. ولم يفرق بين أن تكون الكفارة عن أكل أو جماع (?). وقال ابن حبيب: يكفِّر بالعتق أحب إلي، فإن لم يجد فبالصيام، فإن لم يستطع فبالإطعام.
قال الشيخ - رضي الله عنه -: أما الكفارة عن الجماع فقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها ثلاثة أصناف: عتق، وصيام شهرين متتابعين، وإطعام ستين مسكينًا.
واختلف عنه هل هي على الترتيب، أو التخيير؟ فأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة أنه قال: "جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَلَكْتُ. فَقَالَ: مَا لَكَ؟. قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ. فَقَالَ لَهُ: هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً