ولا يسقط عن قاذف العِنِّينِ وإن كان ممن (?) لا ينتشر؛ لأن عجزه مما لا يقطع به، وقد يقع في النفوس صدق قاذفه ومثل هذا تلحق به المعرة.
ويسقط عن قاذف العبد والنصراني والمرتد والزاني، لقوله سبحانه: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ} الآية [سورة النور آية: 4]. وجميع هؤلاء غير محصن؛ لأن الإحصان عن (?) أربعة: الإسلام والحرية والعفاف والزوجية، فوجب حمل الآية على جميع أنواع الإحصان، إلا ما أجمع عليه أنه غير مرادٍ بالآية، وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ، وَهُوَ بَرِيءٌ مِمَّا قَالَ، جُلِدَ يَوْمَ القِيَامَةِ" (?). ولم يجعل عليه في الدنيا شيئًا، وقال عبادة بن الصامت: بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهذه الآية: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} الآية [سورة الممتحنة آية: 12]، ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: "فَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ سَتَرَه اللهُ عَلَيْهِ، كانَ أَمْرُهُ إِلَى الله، إِنْ شَاءَ عَاقَبَه وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ" (?). فلو كان قاذف العبد يجلد في الدنيا لم يجلد في الآخرة.