ومن أودع وديعة فقد جعل النظر فيها إليه، فإن أخرجها عن نظره إلى نظر غيره ضمن إلا أن تكون هناك عادة أو عذر خوف عورة بيته أو سفر، فأما الزوجة فلا بأس أن يدفعها إليها لترفعها أو لتكون وديعة عندها، وهذا الشأن ألا يصون الرجل (?) ماله عن زوجته إلا أن يعلم منها خيانة إلا أنه لا يرفع نظره وتفقده، وكذلك أم ولده إذا علم منها الأمانة.
وقال ابن القاسم: إذا دفعها إلى خادمه لترفعها له لم يضمن (?). وقال أشهب: إن أودعها خادمه ضمن وليس دفع ذلك إلى خادمه أو أجيره الذي علم منه الأمانة والخير ليبلغاها البيت أو تكون في البيت فيقول لهما اجعلاها: في المخزن أو في التابوت مما يضمن به.
وإذا خاف المودع عورة منزله أو جار سوء، وكان ذلك أمرًا حدث بعد الإيدل جاز له أن يودعها ولا ضمان عليه، وإن كان ذلك الخوف متقدمًا قبل الإيدل والمودع عالمًا لم يكن له أن يودعها، فإن فعل ضمن وإن كان صاحبها غير عالم ضمنها، وسواء ضاعت عنده أو عند غيره إلا أن يكون ضياعها عنده لم يكن من السبب الذي يخاف منه، وقد يحمل قول ابن القاسم في قوله "يودعها إذا خاف عورة بيته" أن الوديعة ثياب أو عروض، ولو كانت دنانير وما أشبه ذلك مما يكنز (?) في الأرض، ولا يخاف ممن يخاف منه أن يضطره