وقال مالك -في رجلين حكما رجلًا-: حكمه ماض، وإن رفع إلى قاض أمضاه، إلا أن يقول جورا بينا. وقال سحنون: يمضيه القاضي إذا وافق الحق عنده، وإن كان مما اختلف فيه الفقهاء، وليس من رأي القاضي لم يعرض له، إلا أن يكون خطأ بينا فيرده (?).
قال الشيخ: إنما يجوز التحكيم إذا كان المحكم عدلا من أهل الاجتهاد، أو عاميا واسترشد العلماء فإن حكم ولم يسترشد لم يجز ورد، وإن وافق قول قائل؛ لأن ذلك التحكيم تخاطر (?) منهما وغرر، ولا فرق بين التخاطر في البيع والحكم، بل هو في الحكم أشد؛ لأن التخاطر في البيع قد يكون في بعض صفاته، والبيع (?) ثابت للمشتري على كل حال، والتخاطر في الحكم في جميع الحق يثبته أو يسقطه، وإذا كان المحكم من أهل الاجتهاد ومالكيا، ولم يخرج باجتهاده عن مذهب مالك لزمه حكمه، وإن خرج عن ذلك لم يلزم إذا كان الخصمان مالكيين؛ لأنهما لم يحكماه على أن يخرج عن قول مالك وأصحابه، وكذلك إذا كانا شافعيين أو حنفيين، وحكماه على مثل ذلك، لم يلزم إن حكم بغير ذلك.