وأما الخياط (?) وما أشبهه (?)، فمحمول على أنه لا سبب له في ذلك الفساد، وأيضًا فإنه ليس كل مصنوع يتحفظ به أو يجعل في تابوت أو صندوق، ولا كل مصنوع يخشى عليه من الفأر، فما كان الشأن أنه لا يجعل في غلق ولا (?) يخشى ذلك عليه- فلا شيء على الصانع فيه، ولا يكلف البينة أنه لم يفرط.
وأما السُّوْسُ فإن كان السببُ في ذلك طولَ (?) مَطْلِ الصانعِ ولم يتفقده بالنَّفض والنَّشر- كان مفرطًا وضمن، وهو في الرهان أشكل؛ لأن صاحبه دخل على بقائه إلى مدة يتسوس فيها (?) ولم يُلْزِم المرتهنَ تفقُّدَه.
وقد قال ابن وهب في "الدمياطية" في المرتهن: يضمن الرهن إذا اسْتاسَ عنده (?).
ولم ير ابن القاسم في "المدونة" على الصانع في الحريق شيئًا إذا ثبت احتراقُه أو ثبتتْ سرقتُه (?)، وسوّى بين الحرق والسرقة (?). وقال مالك (?) في "كتاب محمد" في الحريق: يضمن وإن رُئي ذلك في النار، وكذلك الرهن. قال محمد: ذلك صواب حتى يعلم أن النار ليست من سبب الصانع (?). فرأى ابن القاسم أن النار فاعلة بنفسها فأشبهتْ الفأرَ والسوسَ، ورأى مالك أن الإنسان سببها وهو موقدها وأن إحراقها لمجتمل أن يكون؛ لأنه تصرف بها فيسقط منها ما، أو لأنه جعلها مجاورة لما أحرقت فترامى إلى غيره، أو لأنه لم يحسن حفظها، وكذلك هو السبب فيه، وهو أشبه من القول الأول.